larkbrowser.com
ولم يرو بإسناد سليم سالم من الضعف والعلل. ومثل هذا المعنى الذي يتضمنه الحديث ، لا يقبل فيه رواية من هو في أدنى درجات القبول كالمستور والصدوق ، فضلا عن رواية الضعفاء والمجاهيل والمجروحين. وقد تكلم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات على طرق هذا الحديث وبين ضعفها ، وقال: " لَيْسَ فِي هَذِه الأحاديث شيء صَحِيح". انتهى من "الموضوعات" (2/ 247). وقال الشيخ المحقق عبد الرحمن المعلمي اليماني: " والذي يظهر لي أن الخبر لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم البتة" انتهى من تعليقه على "الفوائد المجموعة" (ص: 150). وكذا رجح محققو مسند الإمام أحمد ضعف الحديث من جميع طرقه. ينظر: "مسند أحمد" ط الرسالة (36/289). وأطال في تخريجه الشيخ أبو إسحاق الحويني في "غوث المكدود" (647) وخلص إلى " أن الحديث لا يمكن نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لا تصحيحاً ولا تحسيناً ، وأحسن أحواله أن يكون ضعيفا ، وعندي أنه باطل ، وفي متنه اضطراب كثير". انتهى وكذلك درس هذه الروايات باستفاضة الشيخ الدكتور علي الصياح في بحثه " أحاديث تعظيم الربا على الزنا ، دراسة نقدية" ، وخلص فيها إلى تضعيف الحديث من جميع طرقه ، وأنها كلها واهية ومنكرة لا تصلح للتقوية.
الحمد لله هذا الحديث مروي بألفاظ مختلفة ، ومن أشهرها: ( الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا ، أَيْسَرُهَا: مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا: عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ) ، رواه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (2/ 43) من حديث ابن مسعود. ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/561) من حديث أبي هريرة ، بلفظ: ( الرِّبَا سَبْعُونَ حَوْبًا ، أَيْسَرُهَا نِكَاحُ الرَّجُلِ أُمَّهُ ، وَأَرْبَى الرِّبَا: اسْتِطَالَةُ الرَّجُلِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ). ورواه الإمام أحمد في " المسند" (36/288) من حديث عبد الله بن حنظلة ، بلفظ: ( دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً). وهذا الحديث مشهور ومتداول بين الخطباء والوعاظ وطلبة العلم ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة. ومن العلماء من حسن أو صحح بعض طرقه أو صححه بمجموعها. ولكن الذي يظهر ، والله أعلم ، أن هذا الحديث منكر ، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدل على ذلك ثلاثة أمور: الأول: أن جميع طرق وروايات هذا الحديث تدور على رواة ضعفاء ومتروكين ، أو رويت بأسانيد معلولة منكرة لا تصلح للاعتضاد.